22 diciembre, 2021

إرشادات مهمة لتغطية تطورات جائحة كورونا في شمال إفريقيا والشرق الأوسط

This post is also available in: Inglés Español Portugués, Brasil

خالد بن الشريف، صحافي مغربي مستقل حائز على جوائز صحفية، متخصص في تغطية القضايا البيئية والسياسية والاجتماعية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
بريد إلكتروني: khalidbench1@gmail.

هذه الإحاطة الصحفية الخاصة متاحة أيضًا باللغة الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية والإسبانية.

أدخلت جائحة العالم في دوامة سريعة لا نهاية لها من الطوارئ، فكان على الجمهور والصحفيين على حد سواء مطاردة آخر الأخبار ومستجدات الفيروس طوال الوقت، غير أن ذلك منعنا من رؤية الغابة وراء الشجرة، حيث كان للوباء تأثيرات عميقة ضربت مختلف مناحي الحياة، من الصحة والتعليم إلى الوضعية الاقتصادية والسياسية، والتي لم تتكشف حقيقة حجمها سوى حديثا.

وفي هذا الإطار تأتي أهمية الصحافة المعمقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من أجل تحسين فهم الجمهور العربي للتأثيرات المعقدة والمتشابكة للوباء على المجتمعات المحلية. ولذا نقدم هذا المقال الإرشادي للصحافيين والمدونين لمساعدتهم على تغطية قضايا الجائحة.

زوايا مهمة يجب تغطيتها

أثرت جائحة كورونا على العالم بطرق شتى وأحيانا غير مرئية في مختلف مناحي الحياة، وتختلف هذه التأثيرات من مجتمع لآخر، حسب أهمية هذه التأثيرات بالنسبة لكل منطقة.

وربما لم تتضرر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كثيرا من حيث عدد الإصابات والوفيات المتعلقة بكوفيد-19 مقارنة مع أوروبا والأمريكيتين، إلا أنه كان للوباء نتائج وخيمة في جوانب أخرى. ولذلك يجب التركيز على إنتاج قصص تمس أولويات الجمهور العربي وتتطرق إلى المشكلات الحقيقية للمنطقة، نوضحها في الآتي.

  دور فيروس كورونا في تعميق اللامساواة والفقر

زادت أزمة كورونا من اتساع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية؛ إذ بقي الأغنياء بعيدين نسبيًّا عن تأثيرات الجائحة، وازدادت ثراوت بعضهم، فيما ألحقت الأزمة الضرر الأكبر بالفقراء، الذين خسروا أعمالهم المتواضعة، وأصبح الكثير منهم عاطلًا عن العمل؛ مما زاد من معاناتهم وعائلاتهم.

وتذكر أوكسفام أن ثروة أصحاب المليارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تزايدت منذ بداية انتشار الوباء بما يقارب 10 مليارات دولار، بينما انضاف 45 مليون شخص في المنطقة إلى مستنقع الفقر نتيجة الوباء.

لهذا السبب من المهم تغطية مواضيع اللامساواة ومظاهر الفوارق الطبقية الناجمة عن الوباء، على سبيل المثال يمكن إنجاز قصص صحفية معمقة حول الجوع، اللامساواة في الصحة، اللامساواة في التعليم، البطالة، تراجع الأجور، أرباح الأغنياء في فترة الجائحة، الفقر والحرمان، تربح الأغنياء من الوباء، قانون الضريبة على الثروة، وغيرها من الأمثلة.

 أشكال الفساد المالي في سياق الجائحة

اضطرت الظرفية الطارئة لجائحة كورونا مختلف بلدان المنطقة العربية إلى حشد ميزانيات ضخمة تقدر بمليارات الدولارات، من خلال أموال الضرائب والاستدانة والمنح الغربية، لدعم منظوماتها الصحية المهترئة وإغاثة مواطنيها الفقراء.

وفي الوقت الذي كان فيه العاملون الصحيون في المستشفيات العامة يكافحون جائحة كورونا ويخاطرون بحيواتهم، كان تجار الأزمات في المنطقة، من لوبيات وشركات وأشخاص نافذين، ينشغلون بكيفية استغلال الجائحة والتربح منها، من خلال نهب الأموال المخصصة للدعم الصحي والاجتماعي في هذه الظرفية الوبائية، ما جعل وباءً آخر – لا يقل سوءًا عن كورونا – يستفحل وينتشر؛ ألا وهو وباء الرشوة والفساد!

وبالفعل فقد وثَّق مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة اختفاء مئات الملايين من الدولارات المخصصة للتعامل مع الوباء، ولم تصل إلى وجهتها المفترضة، في العديد من البلدان.

وهنا تكمن أهمية عمل الصحفيين الاستقصائيين لتغطية مختلف أشكال الفساد في سياق الجائحة، من مثل تبديد الأموال العامة، وشراء مواد وأجهزة صحية مغشوشة، والرشوة، والتلاعب بالفواتير، وتضخيم المصروفات العمومية، وتمرير الصفقات بالتواطؤ، وممارسات الاحتكار، والنهب، إلى غير ذلك.

 مظاهر استغلال الحكومات الوباء لترسيخ السلطوية

إن قمع حرية الصحافة في الشرق الأوسط ليس أمر جديدا، لكنه اشتد خلال جائحة، حيث استغلت حكومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الوباء لتعميق القمع حسب تقرير معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، من خلال إساءة استخدام السلطة، وإسكات المنتقدين والمعارضين، وإضعاف أو إغلاق المؤسسات المدنية الناشطة، مما يقوض أنظمة المساءلة نفسها اللازمة لحماية الصحة العامة.

وشهدت العديد من البلدان العربية اعتقالات وحملات واسعة لترسيخ السلطوية، تحت حجة “حالة الطوارئ الصحية” المرتبطة بالجائحة، وقامت باعتقالات للصحفيين، ومحاكمات للناشطين ومنعت احتجاجات سلمية وتجمعات عامة.

ينبغي للصحفيين تغطية هذا الاستغلال السياسي لأزمة كورونا وكيف يتسبب في انتهاكات لحقوق الإنسان، من خلال تسليط الضوء بحذر على الممارسات السلطوية التي تلجأ إليها أحيانا حكومات المنطقة، بما في ذلك الإجراءات التعسفية في حق غير الملقحين أو الرافضين لإجبارية التلقيح، ومحاكمات الصحافيين والناشطين، والقوانين غير العادلة التي يتم تمريرها سريعا وسط انشغال الرأي العام بالوباء.

 مشاكل الصحة النفسية

وصفت منظمة الصحة العالمية جائحة فيروس كورونا بأنها كانت بمثابة “صدمة جماعية” تعرض لها الناس في جميع أنحاء العالم، وأدت إلى تدهور الصحة النفسية للمواطنين على نطاق واسع.

في المنطقة العربية، لا تحظى الصحة النفسية بوعي كبير لدى الناس، ناهيك عن غياب البنية التحتية للرعاية الصحية النفسية، إلا أن قيود الوباء دفعت مشكلات الصحة العقلية والنفسية بالمنطقة إلى درجات خطيرة، بدأت تتجلى في ظواهر الجريمة البشعة وحوادث الانتحار. ومن المحتمل أن يستمر تدهور الصحة النفسية العامة في السنوات القادمة مع استمرار الضغوطات الاقتصادية، خاصة في البلدان الهشة اقتصاديا.

لا تقتصر مهمة الصحفيين في هذا الجانب فقط على التطرق إلى المشاكل النفسية المتعددة، وإنما أيضا المساهمة في تنوير الرأي العام بأهمية الصحة النفسية لإزالة وصمة العار، وإرشاد الجمهور إلى موارد الدعم النفسي والحلول المتاحة لتعزيز الصحة النفسية، عن طريق إنتاج مواد صحفية مُعززة بموارد ومصادر متخصصة.

  الأخبار الزائفة الرائجة

انتعشت الأخبار الزائفة في سياق جائحة كورونا على نحو واسع، خاصة على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، مما قد يضر بالجهود الصحية العامة، ويزيد من تعميق المشكلة في المنطقة العربية.

في مثل هذه الأوقات يتطلب من الصحافي تفنيد الأخبار الزائفة، من خلال “تحري الدقة وعدم التهويل، وكذا الرجوع دائما إلى المصادر المرجعية، مثل المجلات العلمية وموارد منظمة الصحة العالمية ومكاتب وزارات الصحة الحكومية والخبراء المتخصصين، للحصول على المعلومات والأخبار المرتبطة بكوفيد19” كما يوصي أشرف أمين، رئيس قسم العلوم والصحة بجريدة الأهرام المصرية.

ولا ينبغي الاكتفاء بدحض الأخبار الزائفة، بل يتطلب من الصحافي أحيانا الحفر عميقا في سبب شيوعها لدى الرأي العام أو قسم منه، فمثلا الكثير من الرافضين للقاح قد يكون لهم سبب وجيه، كإجبارهم على القيام بذلك، أو عدم حصولهم على المعلومات الكافية حول سلامة اللقاح وعملية التلقيح من قبل حكومتهم.

نصائح صحفية حول تغطية الجائحة

كونك صحافيًا في العصر الرقمي وفي المنطقة العربية ليس بالأمر السهل أبدا، فأنت تعمل دائما تحت الضغط وبأجر مثير للشفقة، ومطالب يوميا بتحضير الأخبار ومتابعة الأحداث الروتينية وأحيانا التافهة في الميدان، من الصباح إلى المساء، بالكاد تجد الوقت للالتقاط أنفاسك، فبالأحرى إنتاج مواد معمقة حول تداعيات جائحة كورونا.

لكن صدقني ليس عليك القيام بذلك، يمكنك أن تكون أكثر إنتاجية وفي نفس الوقت أكثر أريحية ومردودية في العمل. كيف ذلك؟ الجواب من خلال العمل بذكاء، والتركيز على الجودة.

هذه الخطوات ستساعدك في الوصول إلى ذلك.

 ركز على صحافة الجودة

نقصد بالصحافة عالية الجودة المواد الصحفية التي تتجاوز إجابتها عن الأسئلة المعتادة في الصحافة الإخبارية، من وماذا وأين ومتى، إلى التركيز على سؤال كيف ولماذا، لتقديم للجمهور فهما عميقا وموثوقا حول مسألة معينة، وبطريقة سلسة في نفس الآن.

وتحتاج المنطقة العربية بشكل شديد إلى هذا النوع من الصحافة من أجل تنوير الرأي العام بتطورات كورونا على نحو أفضل، ولا سيما منها تلك التي تصب في الصحافة الاستقصائية، والصحافة السردية، وصحافة البيانات، وصحافة الحلول، والصحافة البصرية.

وبالتالي فإن تعلم إتقان واحدة من أشكال صحافة الجودة تلك سيكون مفيدا كثيرا لتحسين جودة إنتاجاتك حول الوباء، بل ولمسارك المهني.

يمكنك الاستلهام من هذه الأمثلة لصحافة الجودة، المنشورة في عام 2021:

هذا ما يفعله التغير المناخي.. رحلة إلى قرى الأشباح

العين السخونة.. صراع العروش

سوريا: سوق للجثث وسمسرة “مُربحة” على الرفات

– عقارات المسيحيين في العراق … استيلاء منظم بالتزوير وقوة السلاح

5  بيانات مصورة لفهم ضخامة معدل وفيات كوفيد-19 في تونس

6 طرق يستطيع من خلالها الآباء والأمهات دعم أولادهم خلال جائحة كوفيد-19

انفجار بيروت: رحلة الغازات السامة وآثارها الضارة على البيئة

 خطط لقصتك جيدا

تنبع جودة المادة الصحفية أساسا من خلال ثلاث سمات وهي: أصالة الفكرة وأهميتها، وموثوقية المضمون، وجمالية العرض. ومن ثمة قبل أن تنغمس في العمل على موضوعك، خطط لموضوعك جيدا على المستويات الثلاثة تلك، هذا سيوفر عليك الكثير من الوقت والجهد. اطرح على نفسك هذه الأسئلة:

– هل فكرتك محددة جيدا (كلما كانت محددة أكثر كلما كان أفضل)؟ هل تحمل إضافة إلى ما هو موجود؟ هل يحتاجها الجمهور فعلا؟

خذ وقتك في اختيار الزاوية المناسبة لموضوعك واستعن بالموضوعات التي اقترحناها سابقا. وتذكر مقولة لينوس بولينج، عالم كيمياء الكم والحائز على جائزتي نوبل: “إن أفضل طريقة للحصول على فكرة عظيمة هي أن يكون لديك الكثير”.

– ماهي المصادر التي ستعتمدها في جمع المعلومات؟ هل هي مصادر موثوقة ومتخصصة في الموضوع الذي تشتغل عليه؟

تجنب المصادر غير المتخصصة والباحثين المعممين، فمثلا سؤال ممرض أو طبيب عن اللقاحات ليس فكرة جيدة.

– ماهو الجنس الصحفي الذي ستعتمده (قصة صحفية، تحقيق صحفي، مقال توضيحي تحليلي…)؟

اختر الجنس الصحفي الذي ستعتمده بما ينسجم مع طبيعة الموضوع وطريقتك في معالجته.

– ماهي العناصر المرئية التي ستستعملها في قصتك (صور، خرائط تفاعلية، فيديو، أنفوغرافيك…)؟ وكيف ستوظفها لخدمة قصتك؟

استعمل المواد المرئية من أجل إظهار البيانات الإحصائية، والمشاهد الوصفية.

– ما هو جدولك الزمني لإنهاء العمل؟ وماهي خطتك للنشر؟

لا تقنع بدور قسم النشر في مؤسستك الإعلامية، حاول تدوير مادتك الصحفية مثلا على شكل أنفوغرافيك أو قصة مصورة أو فيديو قصير، وانشرها على الشبكات الاجتماعية الأكثر رواجا في بلدك.

· اجعل قصتك مثيرة وجذابة

لا يكفي أن يكون مضمون قصتك حقيقيا وموثوقا، يتطلب أن يكون أيضا جذابا ومثيرا للاهتمام وذو صلة، من أجل دفع الجمهور إلى تناول قصتك حتى النهاية، لذا احرص على:

– الكتابة بأسلوب بسيط ومفهوم وواضح للجمهور، مع العناية على اتساق الأفكار والفقرات، هذا سيساعد إيصال رسالتك للقراء بسلاسة.

– ربط الموضوع بالمواطن البسيط والسياق المحلي، إذ أن جمهورك يحبذ المسائل التي تهمه ولها علاقة بوضعه المحلي، وليس تلك التي تجري في مكان ما.

– التركيز على الجانب الإنساني، “ليست كل القصص تصلح للاشتغال عليها كقصة صحفية إنسانية، لكن على الصحافيين البحث عن قصص ملهمة ومؤثرة، وإن كان بعضها مؤلما.” كما تخبرنا الصحافية المغربية المتوجة بجائزة صحفية، ماجدة ايت الكتاوي.

– اعتماد البيانات والإحصاءات للإضفاء الدقة على قصتك، مع تحويلها إلى مواد بصرية، إذ لا أحد له رغبة في قراءة نص مكتظ بالأرقام!

– الحرص على تخصيص حيز من قصتك للحلول والنقاط المضيئة وأساليب التكيف مع المشكلة التي تتطرق إليها، وهو جانب تفاؤلي مهم، كثيرا ما يتجاهله الصحافيون، في عصر الجائحة المظلم.

موارد وأدوات

في الختام نقدم هذه الموارد والأدوات لمساعدة الصحافيين في شمال إفريقيا والشرق الأوسط على تغطية الوباء فيروس كورونا والقضايا ذات الصلة.

– منظمة الصحة العالمية https://www.who.int/

–  مركز التحكم في الأمراض  https://www.cdc.gov/

– جامعة جونس هوبكينز https://coronavirus.jhu.edu/

– موقع تجميع البيانات اليومية عن الإصابات في العالم https://www.worldometers.info/coronavirus/

– لمتابعة أحدث الأبحاث حول العالم https://www.alphagalileo.org/en-gb/

– منظمة اليونسكو الأممية https://en.unesco.org/

– كورسات تعلمية حول الوباء https://www.futurelearn.com/search?q=covid-19

– صندوق أدوات للصحافيين https://hackastory.com/tools/

– مصادر للتمويل  https://gijn.org/grants-to-journalists-during-the-covid-19-pandemic/

– للعثور على الخبراء المتخصصين https://www.sciline.org/journalists/

– دليل التحقق من الأخبار https://bit.ly/3H4p7uD


حول هذه الإحاطة الصحفية

هذا المقال جزء من سلسلة من المقالات التوجيهية التي كتبها صحفيو العلوم والصحة، الذين قدموا أفضل التوجيهات العملية والرؤى حول تغطية كوفيد-19. نُشرت هذه المقالات التوجيهية كجزء من مبادرة مركز نايت للصحافة التي ترعاها اليونسكو، وبتمويل من منظمة الصحة العالمية. 

لقراءة المزيد عن هذه الإحاطات الصحفية التوجيهية، انقر هنا. علاوة على ذلك، يمكنك الوصول إلى الإحاطات بلغات متعددة كالآتي:

UNESCO KC logos
التسميات المستخدمة وطريقة عرض المواد في هذا المنشور لا تعني التعبير عن أي رأي من جانب اليونسكو، ارتباطا بالوضع القانوني لأي بلد أو إقليم أو مدينة أو منطقة أو سلطاتها التابعة، أو فيما يتعلق برسم تخومها أو حدودها.
المؤلفون لهذا المنشور مسؤولون عن اختيار وعرض الحقائق والآراء الواردة فيه، والتي لا تعبر بالضرورة عن آراء اليونسكو ولا تلزم المنظمة.